حديثي إليك.. عن الحياء
يتعرض الحياء هذه الفترة لموجة شديدة تبدأ بتغريبه ولا تنتهي باستنكاره واختفائه بل واستبداله بما تشاء الوقاحة من خرم للمروءة وخروج على القيم وجرأة على المعاصي وفي الحديث “إنما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت ” وقد قال الشاعر :
إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستح فاصنع ما تشاء
وقد وجد الاستهتار بالحياء والمجاهرة بالسوء مطيته في وسائط التواصل الاجتماعي وكأن الاختفاء وراء الحروف والصور إذا كان الستر يعني لهؤلاء شيئا وبين عشية وضحاها صار الكلام الفاحش ضربا من القول لا يستنكر والصورة العارية مثار إعجاب وحديث تداول لا ينجو منه صالح ولا طالح ! ..
فهل تواصوا أن يستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟!…
إن الحياء شعبة من شعب الإيمان كما في الحديث ” الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الإيمان” وفي الحديث الآخر “إن لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء” فهو خلق يمنع صاحبه من الوقوع في المعصية ويبعثه على اجتناب المنكر ويقول ابن حجر رحمه الله “الحياء خلق يبعث صاحبه على اجتناب القبح و يمنع من التقصير في حق ذي الحق” كما أنه يجذب غيره من الأخلاق الفاضلة يقول ابن القيم رحمه الله “… لولا هذا الخلق لم يقر الضيف ولم يوف الوعد ولم يقض لأحد حاجة …” فبالحياء ترتفع النفوس عن منادمة الرذائل :
ورب قبيحة ما حال بيني وبين ركوبها إلا الحياء
فكان هو الدواء لها ولكن إذا ذهب الحياء فلا دواء
نعم ..لقد قل الحياء حتى لم يبق منه ما يستر المتنبي في زيارته
أزورهم وسواد الليل يشفع لي وأنثني وبياض الصبح يغري بي
فأصبح الليل كاشفا فاضحا .. فاللهم سترك الجميل
ولا شك أن التأثر بالوافد باديا إلا أن ضعف التربية وإهمال التوجيه ساعده على الانتشار والاستهتار وصدق شوقي “أما تخلت وأبا مشغولا” وإذا ذهب الحياء ذهب الإيمان والخير وتلك ثلمة في الدين ووحشة في الدنيا ..
فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
فأين التي تمشي على استحياء لتحيي معالم العفة والجمال في أرض كادت الوقاحة أن تجدبها وقد قيل :
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
تحياتي لك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبارك لكم هذه القناة سائلا الله سبحانه أن يبارك فيها وفي جهود القائدات عليها
بارك الله فيكم
جوزيتم خيرا