إقامة الحدود فريضة وضرورة..
الله سبحانه وتعالى هو رب الناس، وملك الناس، وإله الناس، وهو أرحم الراحمين، وخير الراحمين، وقد أقرّ وشرع العقاب للمنحرفين من الناس عن طريق الحدود التي ثبتت بنصوص مُحْكَمة من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي لازمة لردع المجرمين واستئصال شفة الجريمة، وقد جعلها الله تعالى زواجر للمنحرفين، وجعل القصاص حياة للناس، وشريعتُه أقوم قيلا، وأهدى سبيلا، وأنفعُ للعباد والبلاد من تُرَّهات المستشرقين من أبناء الغرب، ومن سفسطات المتغربين من أبناء الشرق الذين يهولون ويضخمون أمر الحدود، ويستبشعون عقوبتها بناء على الفلسفة الغربية التي تعظم شأن الفرد وإن جنى وأجرم في حق الجماعة..
صحيحٌ أن الشريعة شدّدت في إثبات الجريمة، وشددت في شروط إقامتها، وجعلت الشبهة المعتبرة كفيلة بدرء الحدّ عن المتهم. ولكنها أكّدت وأوجبت الحدود بنصوص محكمة من القرآن الكريم، وأحاديث صحيحة صريحة من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وجعلت في الحدود حقا لله تعالى لا تنفع فيه شفاعة الشافعين.
ولن يُؤَمِّن الناس من خوف بعضهم من بعض إلا شريعة خالقهم الذي خلقهم، وشرع لهم ما يصلح معاشهم ومعادهم، وصدق الله العظيم إذ يقول: ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير..!
فيا أولياء أمور البلد: اتقوا الله، وارفعوا عن هذه الفتاة الطاهرة وهذه الأسرة الشريفة وعن بقية الرعية التي استرعاكم الله الظلمَ، بتطبيق حد الحرابة في هؤلاء المجرمين، وغيرهم من الذين سبقوهم من الزناة والمحاربين والسارقين والقاتلين..
ولا تأخذكم بهم رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر..
واعلموا أن الناس يمكن أن يصبروا على حر الصيف وبرد الشتاء وغلاء المعيشة، ودناءة الخِدْمات، وتزوير الغذاء والدواء.. وأن يكتفوا في سبيل نعمة العيش في وطنهم وبين أهليهم بما يسدّ الرمق من الطعام، ويطفئ الحرق من الماء..
ولكنهم لن يصبروا على تدنيس أعراضهم، وانتهاك حرماتهم..
فقد طفح الكيل، وطغى السيل، وادلهمّ الليل، ولم يبق في قوس الصبر منزع..
فاتقوا الله، وامتثلوا ما أمركم به، واعلموا أن لكم شرفا، وأن لكم أزواجا وأمهات وبنات وأخوات وخالات وعمات.. ولا يحمي أعراضهن، أو يحفظ شرفهن إلا تطبيق هذه الحدود التي هي تنزيل من حكيم حميد، خلق الإنسان، وهو أعلم بمصلحته ومفسدته من نفسه..
وقد شرع هذه الحدود زجرا للمفسدين، وحماية للمجتمع من أن يذوق بعضه بأس بعض..
الكاتب :سيدي محمد أيدة