ثقافة وأدبعالم المرأة

الخيمة الموريتانية 

 

في إطار تخليد ذكرى عيد المرأة الدولي يسلط موقع “الموريتانية” الضوء على أعمال عظيمة تقوم بها المرأة الموريتانية يعكس نموذجة المرأة الفعالة النشطة والمضحية الحريصة على شغل وقتها في المفيد غير متفرغة للقال والقيل٬ تلك المرأة التي قدمت للأسرة أكثر شيء تحتاجه وهو المسكن وزينته بأجود المفروشات كل ذلك من محيطها البيئي الذي تعيش فيه.  

في هذه السطور سنلقي نظرة على التراث في عطاء المرأة الموريتانية الأصيلة ونقدم كيفية إعداد “الخيمة الموريتانية”  

 

تشكل الخيمة رمز الأصالة وبيت العرب حيث كانت المسكن الوحيد لديهم فهي ملائمة لحياة الترحال الذي هو دأب العرب ومميزهم قديما لسهولة تقلها وطيها عند الحاجة كما أنها إنتاج محلي إذ يصنعونها بأيديهم من أصواف مواشيهم وأوبار إبلهم, وللخيمة في بلادنا عدة أنواع منها ما يصنع من الوبر وهو أطول عمرا وأصعب صناعة والأفضل من ناحية السكن لتلاؤمه مع مختلف تغيرات الأجواء من رياح ومطر وبرد وصيف.

والنوع الآخر من القماش ولا تتطلب صناعته الكثير من الوقت ولا الجهد وقد يكون أنسب في الصيف إلا أنه في بعض الأحيان يفتقر إلى خصائص السكن أي الحماية من البرد والمطر  

وقد برع النساء الموريتانيات في مجال صنع الخيام من النوعين محققات بذلك الاكتفاء الذاتي في السكن وكان مشوارهن طويلا في سبيل تحقيق هذا الاكتفاء لصعوبة الهدف وتعقده حيث تقوم المرأة بجمع الكميات الكافية من صوف الضأن ووبر الإبل حيث تجز الضان التي ينمى صوفها لهذا الغرض ويجعل في مكان دافئ خال من الرياح وتأخذ المرأة عودا من عروق الشجر يسمى” المدراسة ” وتشرع في ضرب الصوف والوبر باستمرار وهذه العملية تسمى” اتمدريس ” حتى تفرد كل شعرة عن الأخرى ثم تجعله في حاضنة بجانبها, ثم تأخذه على أجزاء ” لعميتة ” وتفرش لهذه الأجزاء فراشا من الجلد ” إلويش ” ثم تضربه بعود يسمى ” الشعشاعة ” حتى يكون منفوشا ويرش أثناء هذه العملية بالماء رشا خفيفا يساعد على تماسك ” لعميتة ” وتشرع في غزلها بالمغزل ” عود لغزيل ” وهو عود من الثمام ” أم ركبة ” يجعل في رأسه عود صغير يسمى ” الصنارة “.

ويكون الغزل باليدين معا فاليمنى تفتل العود واليسرى تسهل وتنظم الخيط حتى إذا كان طول الخيط ملء يديها لفته على العود ” التكباب ” حتى إذا ثقل فرغته وبدأت من جديد وبعد أن تنتهي عملية الغزل هذه تأخذ خيطيين متوازيين منها وتجعلهما على شكل كرة ” كبة ” وتأخذ عودا كبيرا نسبيا على شكل (T)  وتفتل به الخيطيين فيما بينهما وتسمى هـــــــذه   العملية: “لبريم ” حيث يتم باليدين والساق اليمنى فإذا أثقل أو انتهت الكبة تأخذ ” كبة ” أخرى وهكذا فإذا أصبح عندها ” اكبب” كثيرة تغرز لهذه الكمية عودين في الأرض تكون المسافة بينهما تفوق 5 مترا فتثبت رأس الخيط في العمود الأول وتجعل الخيط من وراء الثاني ثم تجعله من وراء الأول وهكذا  كلما انتهت ” كبة ” ركبت ” كبة ” أخري حتى يصل إلى النهاية وكأنه خيط واحد وهذه العملية تسمى ” لمحيط ” ثم تنتزعه من أحد العمودين وتطويه حتى تصل إلى العمود الآخر وتسمى هذه العملية ” اهبز واطلص ” ثم يجعل في الماء لمدة ساعات لغسله ويخرج من الماء ليرد إلى العمودين ويجعل فيه عمود ثالث من الوسط ويفتل به حتى تخرج منه آخر قطرة ماء ثم يثبت في الأرض  لتبقى الخيوط مفتولة ويترك لأيام حتى يجف ثم يعاد إلى أصله كل ” كبة ” وحدها ثم تبدأ صناعة ” لفليج ” ويتكون من عدد من ” لمواحط ” فتثبت أربع أوتاد في الأرض داخل الخيمة والمسافة بينهما حوالي متر واثنان خارج الخيمة ويجعل وراء كل وتدين عود مستعرض وتشد الخيوط بين العودين المستعرضين وتسمى : “السدوة ” ثم تصنع له عملية ” النيرة ” ويبدأ النسيج بخيوط مستعرضة تسمى ” اللحمة ” والأدوات المستخدمة فيه ” الصوصية ” و ” المدرة ” وكلاهما تساعد على حبك النسيج و  “الميشع ” وهو الذي تفتل عليه خيوط اللحمة وبنهاية هذه العملية يتكون ” لفليج ” وتتكون الخيمة من ثمانية ” فلجة ” وطنيين واحد من الأمام وواحد من الخلف والأكثر في الخيمة أن يزخرف ظاهرها بخيوط من وبر الإبل الأبيض تعرف هذه الزخرفة  ” بالقلادة ” و يصنع لها ” حمًار ” من الداخل وهو نسيج خاص ملون وخيوطه رقيقة يزخرف بها ” الحمًار ” أي العود الذي يحمل الركائز ولكي “تشل”الخيمة لا بد من وجود”لخراب” وتجتمع نساء “لفريك” في اليوم الذي يتم فيه وضع اللمسات الأخيرة من صناعة الخيمة مشكلات بذلك نوعا من التضامن والتكافل الاجتماعي وتبادلهم صاحبة الخيمة الإحسان وكرم الضيافة اعترافا بالجميل 

ولبناء الخيمة لابد من وجود الركائز والحبال التي تربط بها وتثبت في أوتاد أربعة وأعمدة “أدواريك”تتراوح بينا 6و4 حسب المناطق

 وبهذا نعرف كيف كانت المرأة الموريتانية تحقق الاستقلال الاقتصادي لمجتمعها بتوفيرها للسكن الذي يعد من الضروريات والحاجات التي لا غنى عنها ونعرف كيف كانت المرأة عنصرا منتجا وفعالا داخل الأسرة.

مريم عبد الوهاب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى