آخر الأخبارآراءثقافة وأدب

لقاء بعد طول فراق

ذات يوم ليس بالبعيد ذهبت لزيارة داخل الوطن، كانت الرحلة هذه المرة تمر عبر طريق لقوارب، نزلنا عند صاحبة مطعم في مدخل المدينة   – وكان الوقت ظهرا – بعد برهة استقر بين أيدينا أرز وسمك مع ماء بارد من حنفيتها، أكلت وشربت ورياح الجنوب تداعب ملابسي ومشاعري، تنهدت تنهيدة من لقي محبوبا بعد فراق طويل وسرحت في تأمل لماض عشناه هنا مع أحبة منهم من مضى ومنهم من التهمته دروب الحياة، قلت بصوت تملأه العبرة والعبرة: آح ال طعمت م لقوارب او مارو والحوت اورياح القبله!!! وكأن اجتماع هذه الثلاثية بعد فرقة دهر ولد شوقا وحنينا لذلك الماضي إذ الصفاء والبساطة والأحبة معا…

فكيف مضت تلك العذوبة كلها      وكيف مضى الماضي وكيف تبدلا

                       نزار

انطلقت بنا السيارة عصرا باتجاه “آوكيره ” مرورا بشمامه، وما إن بدأت معالم المكان تظهر أمامنا بالتتابع حتى بدأت مكنونات النفس تتزاحم تبحث عن منفذ تارة عبر زفرة و تارة عبر دمعة، و لسان الحال يردد مع الأديب:

من لزم الحزم إلانزاد.       واكبر واتفاحش ووره

ذاك التجال اوذاك زاد        لمظلم راص أموره

لقد مررت في تلك الرحلة على بعض من مرابع الصبا ، والله وددت لو أن السيارة تتوقف عند كل شبر من تلك الربوع لأحتضن تربها و ألمس أشجارها …. إنها خليط مشاعر لا أدري هل حزن أم سرور نعم إنهما معا ….تساءلت عن أحوال أماكن لم تمر عليها الطريق كيف هي بعدنا ؟ و وجدتني أستعير

من البرعي رحمه الله  قوله :

فيا ليت شعري عن محاجر حاجرٍ.        وعن أثلاتٍ روضهن نضير

وعن عذبات البان يلعبن بالضحى         وللطير في أفنانهن صفير

ألا هل أرى تلك الأثيلات حينما.          عليهن كاسات النسيم تدور

ومن لي بأن أروى من الشعب شربةً.   بكأسات أنسٍ روحهن عبير

وأرتع في تلك المراتع آنساً.                وأنظر تلك الأرض وهي مطير

وأسمع في سفح البشام عشيةً            بكاء حماماتٍ لهن هدير

أثناء المسير  في طريق العودة سألت كيف حال النخلتين ؟  و كنا قريبا من ناحية لورين :  و هل ما زالتا على حالهما ؟  وهل تمر عليهما طريقنا ؟ أجابني أحدهم لقد تجاوزنا المكان و إحدى النخلتين غدرت بها عاديات الزمن للأسف !

و النخلتان المذكورتان هما اللتان يقصدهما ولد أحمد يوره رحمة الله عليه في بيتيه  المشهورين :

أيا نخلتي لورين إني على العهد.        وإن كنتما مني على العهد في زهد

فمبلغ جهدي أن سلام عليكما.          وليس يلام المرء في مبلغ الجهد

عيشة منت البنباري

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى