نظرة تأصيلية:
الإسلام دين العدل والإنصاف وقد جاء برسالة عالمية عادلة أنصفت المرأة إنصافا فقد كرم الله سبحانه ابن آدم رجلا وامرأة فقال سبحانه:( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) الإسراء الآية 70
هذا التكريم عام ما خص به الله سبحانه رجلا دون امرأة ولا امرأة دون رجل فهو تكريم لجميع بني آدم.
ثم جاء تكريم المرأة في القرءان خاصا وبينا و رادعا لأنماط ظلم الجاهلية التي طالتها فقد كانت المرأة قبل الإسلام مخلوقا محتقرا يشك كبار المفكرين في اصل خلقتها و يتبارون في اضطهادها فدفنوها بكامل حياتها ردما للعار فأنكر القرآن تلك المسلكيات بأسلوب الردع والتعنيف والزجر: قال جل من قائل : (وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ) وقد كان هذا الوأد مترجما هوان المرأة و ماعانته من التهميش قبل مجيء الإسلام الذي أكرمها أيما إكرام وبين أنها شقيقة الرجل خلقا من نفس واحدة ولهما خطاب واحد وجزاء واحد تقر لهما الحقوقً به والتكاليف على أساسه وتحفظ به إنسانيتهما وكرامتهما معا وتضمن لهما به الحياة الكريمة في الأسرة والمجتمع. وانطلاقا من تلك الأسس القوية والبناء الشرعي الرصين، سأذكر عشر نقاط كان فيها الخطاب الشرعي التأصيلي جليا في تبيان تلك الحقوق وإقرار تلك الواجبات:
من حقوق المرأة في الإسلام
أولا قرر الإسلام أن المرأة والرجل متساويان في الإنسانية وأصل الخلقة والحقوق والواجبات والتشريف والتكليف كل حسب خصوصيته:
1_ الإنسانية وأصل الخلقة :
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة.) ..”النساء
2_ المرأة والرجل متساويان في التكليف الدنيوي والجزاء الأخروي:
ففي التكليف يقول جل من قائل: (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة…” [النحل: 97
3_ ومتساويان في الجزاء الأخروي:
إذ يقول جل من قائل: ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما)
4_ المرأة والرجل متساويان في أغلب الحقوق والواجبات فلكل منهما حق على الآخر تعينه طبيعة فطرته ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
5_ لها الحق في التعلم والتعليم:
فقد أمر النبي ﷺ بتعليم النساء كما أمر بتعليم الرجال، فقال صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ” (رواه ابن ماجه)،
وعلم صلى الله عليه وسلم أمنا عائشة ما لم يعلمه سواها وكذلك سائر زوجاته ونزل القرآن يأمرهن بذكر ما يتلى في بيوتهن من آيات الله ومن الحكمة: قال جل من قائل: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا )
6- أقر الإسلام حق المرأة في العمل والتملك
بشرط حفظ كرامتها والتزام الضوابط الشرعية. وأصدق تأصيل لذلك هو النماذج الكثيرة من النساء العاملات في عهد النبوة فقد عملت أسماء بنت أبى بكر زوج الزبير ابن العوام رضي الله عنهم ولم يخدش العمل خارج البيت حياءها فكانت تباشر العمل في أرض زوجها الزبير بن العوام وتقول : كنت أعلف فرسه واستقى الماء… وكنت أنقل النوى من أرض الزبير على رأسي، وهى منى على ثلثي فرسخ.. فلقيت رسول الله يوما ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال.
7_ للمرأة ذمة مالية مستقلة، فتملك وتبيع وتشتري دون وصاية من أحد
فطبقا لتعاليم الإسلام تأخذ المرأة نصيبها من الميراث كما في قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) وهناك آيات تحدد كمية هذا النصيب كما في قوله تعالى: (للذكر مثل حظ الأنثيين). ونصيب المرأة في الميراث من حقها وحدها ولها مطلق الحرية في إنفاقه أو عدم إنفاقه،
ولها على الأب النفقة حتى يدخل بها الزوج فعليه لها المهر والنفقة ايضا
فمال المرأة حق لها وحدها لها أن تحتفظ به دون الإنفاق منه، فهي محمولة النفقة غالبا.
ولا صحة للشبهة التي يروج البعض من كون ميراث المرأة دائما على النصف من ميراث الرجل فالميراث وزعته الشريعة على معايير دقيقة لا علاقة لها بجنس الوارث ولذلك نجد نصيب المرأة في بعص الحالات معادلا لنصيب الرجل ويفوقه في بعض الحالات الأخر ومن أمثلة تعادل نصيب المرأة و الرجل حالة الوالدين اللذين يرثان ابنيهما المتوفى فيحصل الأب والأم كل واحد منهما على السدس كما في قوله تعالى: (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد) ، وهناك حالات تحصل المرأة على ضعف نصيب الرجل مثلا في حالة وفاة رجل له بنت واحدة وشقيقان ففي هذه الحالة يكون نصيب الابنة الوحيدة (نصف ما ترك) وللشقيقين النصف الآخر أي لكل رجل من الشقيقين الربع.
8_ للمرأة حق اختيار الزوج وتستشار في ذلك: بل لا يجوز إجبارها على الزواج ممن لا ترضاه
فعن النبي صلى الله عليه وسلم
(لا تنكح الأيم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن” (رواه البخاري).
9_ للمرأة الحق في الطلاق إن حصل لها الضرر البين
(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ )
١٠للمرأة حق التشاور مع زوجها في إرضاع ولدها حولين كاملين كما أن لها الحق في انفصاله
(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ۖ لمن أراد أن يتم الرضاعة ۚ وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ۚ لا تكلف نفس إلا وسعها ۚ لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ۚ وعلى الوارث مثل ذٰلك ۗ فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما)
فهذه حقوق عشرة تستند جميعها إلى آيات محكمة من كتاب الله أو أحاديث صحيحة من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهي قليل من كثير لا يسمح الوقت بعرضه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مداخلة الشيخة: مريم أبيريك
خلال ندوة المرصد الموريتاني لدعم الأم و الطفل