الشاي… رمز الأصالة و ملهم الشعراء
لقد كان مجلس الشاي حلقة علم للعلماء والصالحين يتبادلون فيها نقاشات النوازل وإبداء الآراء المختلفة وساحة لعرض البراعة في نسيج الشعر والقدرة على الارتجال وقوة حافظة الجلساء٬ لما يحدثه من نشوة وطرب في النفوس وراحة البال فأنشد الشعراء فيه شعرا كثيرا
يقول الشيخ سيديا :
يقيم لنا مولاي والليل مقــــــــــــمر وأضواء مصباح الزجاجة تزهر
وقد نسمت ريح الشمال على الـربى نسيما بأذيال الدجى تتبعثر
كؤوسا من الشاي الشهي شــهية يطيب لها ليل التمام فيقصر
قواريرها والشاي فيها يزينــــــــها وقد زينته جوهر فيه جوهر
ويقول محمد سالم والشين الشمشوي:
لولا الأتاي ولولا البيض والعيس لما تكون بين الإنس تانيس
أتاي يذهب ما في القلب من كدر وقد يطيب به شعر وتدريس
ويقول أبو مدين:
ألا فاسقني كاسات الشاي ولا تذر بساحتها من لا يعين على الســـــــمر
فوقت شراب الشاي وقت مسرة يزول به عن قلب صاحبه الكــــــــــدر
وخلل شراب الشاي بالذكر واستعن به في الليالي المظلمات على السهر
ونادم خيار الصــــــــالحين فمجلس به صالح يقضى به غالــــــــب الوطر
وقدم من الأشعار مارق لــــــــفظه وما رق معنى إن ذلك معـــــــــــتبر
ولما كان الشاي رفيق العلماء تعددت فنون القرض عليه وشكلوا منه لوحات فنية بديعة تنبئ عن رسوخه في المخيلة الشعرية وانعكاس ذلك على اللسان ليفصح عن أفكار فريدة وعلم غزير عميق والقدرة على خلط الأشياء ليخرج منها الإبداع نجد طالبا ربما سهر الليالي لفهم وحل عويصات التركة ليظهرها بجلاء في مجلس شاي فيقول:
إذا ضاقت الكاسات عن عد أهلها وعالت ودون العــــــــــول قوم لها انفضوا
نعيل أم الغراء تنصب شطرها أم الشك في ذي السبق أم يحجب البعض
وحين كان “اخليل” الكتاب الفذ المصاحب للعلماء والطلاب انعكست ملازمته وتدارسه في حلقة الشاي على قريحة الطلاب ليقدموا لنا فنا جديدا في مغازلة الشاي والمعروف ب”اخليل أتاي” الأتاي ورق مزج ماءه بسكر، لا كقرنفل وحناء، واستحسن “مفتوله”، كإقامته لذي فضل، ومعتاده أربعة وهو الأرجح، وفي إجزائه بثلاث تردد، وهل تكره الحناوية؟، أو تمنع، خلاف، وعمله بماء طاب كورق بكاس وسكر اعتيد كـ”باسط”.ويجب زمن الشتاء، وعند تعب، كبعدَ لحمٍ
وفضائله تعيين الكؤوس، وانتقاء الشَّرب إن أمكن، وقلة ردٍّ، وطمأنينة بين أركانه، ومص ورق، ونقد على مقيم، وتزييف شروط. وحرم لمنفرد، وبين أراذل جدا، كامرأة وهل بقيد الجماعة؟، أو بحسب العرف؟، أو مطلق؟، تاويلات، وتسكيك على براني، كحضور مسيء أو ثقيل تعذر صبره للانتهاء.
ولم يكن المزاح بعيدا عن مخيلة الشعراء ولا مجالس الشاي فيقول أحدهم:
أتاي شاماما لا يخلوا من الكدر في الماء حينا وأحيانا من البشر
إذا صفا الماء لم تصف الجماعة من مكدر أو قريب العهد منتــــــظري
مريم عبد الوهاب
يتواصل إن شاء الله