آراء

واقعنا بين الأفكار الميتة و الأفكار المميتة

الباحثة: مريم اتليميدي

رحم الله المفكر الجزائري “مالك بن نبي” الذي خصص مشروعه الفكري لتشخيص عوامل النكوص٬ والإقلاع الحضاري في المجتمعات الإسلامية٬ مقارنا بين هذه المجتمعات٬ والمجتمعات٬ الغربية والآسيوية٬ التي خضعت معها للاحتلال٬ وتخلصت من تبعية المحتل.

ومن كتبه في هذا المجال ” مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي” الذي انطلق فيه من قراءة لروايتين مختلفتين موضوعا وزمانا ومكانا وشخوصا٬ هما رواية “حي بن يقظان” ل”ابن طفيل” ورواية “روبنسون كروز” للكاتب الإنكليزي “دانيال ديفو” ليستنتج مستوى الفرق بين نسقين حضاريين٬ مرتكز أحدهما روحي٬ والآخر مادي، فبطل قصة “ابن طفيل” قاده وجوده غريبا في الجزيرة٬ للبحث الروحي٬ والتأمل في اختلاف الموجودات والتغيرات٬ التي تطرأ عليها حتى وصل للإيمان٬ وبطل الرواية الإنكليزية قادته غربته في الجزيرة لابتكار وسيلة البقاء٬ طاولة إعداد الطعام.

خلاصة

من المفارقات أن أغلب دعاة الإصلاح والتجديد في العصر الحديث٬ نهلوا من المعارف الإنسانية العالمية٬ ووظفوها دفاعا عن الإسلام٬ فكرا وتطبيقا ومنهج حياة٬ وواجهوا استبداد حكامهم٬ الذين استعانوا لمناهضتهم بالمشيخة التقليدية.

فمثلا مدرسة العروة الوثقى قادها “جمال الدين الأفغاني” الذي قدم من عراق العجم (شبه القارة الهندية) خراسان قديما وهو ضليع في العلوم العقلية٬ وبعده كان “سيد قطب” خريج الجامعات الامريكية٬ في مناهج النقد الغربي٬ الذي استعان بها للتفيئ بظلال القرآن والوقوف في وجه الوثنية السياسية٬ ثم أخوه “محمد قطب” أستاذ علم النفس٬ لنصل لرواد المراجعات في الفكر الإسلامي المعاصر ٬الدكتور “محمد عمارة” الفلسفة الإسلامية والدكتور “أحميده النيفر” و”راشد الغنوشي” بتونس والدكتور “المرزوقي” كلهم أساتذة فلسفة٬ وفكر٬ ومثلهم في الفكر الشيعي “علي شريعتي” الذي حمل لواء الإصلاح عند الشيعة.

فهؤلاء لم يمنعهم من التخصص أن العلوم التي يدرسونها تشتمل على مباحث إلحادية فدرسوها٬ واستعانوا بمناهج البحث فيها٬ لصناعة التغيير ولم يقفوا عند القشور والشكليات.

وبعد٬ ما لكم كيف تحكمون؟ وعلى أي مرجعية تؤسسون؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى