حتى لا ننسى

القدس.. بين التهويد والتخاذل

مريم عبد الوهاب

تتعدد الشعوب وتنفرد بخصائصها ومميزاتها ويعرف الشعب الفلسطيني بعزته وإبائه٬ ذاك الشعب المشهور بكرامته٬ والمعروف بشهامته٬ لم يخضع لمن ظلموه رغم الصعاب٬ ولا لمن أذاقوه مر العذاب٬ مضت ٧٣ عاما والوتيرة واحدة فلا الملل يعرفه٬ ولا الخوف والاستسلام يجد سبيلا إلى خاطره٬ شعب عرف مجاهدا بحجارته قبل بنادقه٬ وحبه لأرضه وتمسكه بحقه٬ عرف في الشتات حاضنا لمفتاح منزله٬ وفاء للعهد وتشبثا بالأرض رغم بعد المنزل ورغم احتمال هدمه، إلا أن المنازل في النفس قائمة، ومفتاحها عبر التاريخ محضون، ويبقى جهاد هذا الشعب و رباطه في بيت المقدس عنوان البطولات حيث في مدينة القدس ينعدم الأمن والبني التحتية: المدارس متواضعة، ومستويات التعليم منخفضة، كما يصعب التنقل ويكثر التضييق من طرف اليهود، فلم يكتفوا بما فعلوا من أعمال بشعة لشعب أعزل، بل تجاوزوه إلى منع ممارسة أبسط الحريات، ابتداء بالقرار المانع للتظاهر في ذكرى النكبة ومنع كلما له صلة بالهوية والأصل.

 وفي الوقت الذي يغفل أو يتغافل فيه العالم الإسلامي عن حالة واحدة من أعظم المقدسات، يسعى اليهود ليلا ونهارا إلى تهويد هذه المدينة، وطمس الهوية العربية والإسلامية، وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية على السواء.

باذلين الغالي والنفيس ومتحدين في تحقيق هذا الهدف شعبا وحكومة كان سبيلهم في ذلك الإغراءات المالية الخيالية جهلا منهم أن الفلسطينيين لا يساومون على ذرة واحدة من ترابهم ولو مقابل كنوز الأرض وليس لهم الحق في ذلك، فإن لم يرضخوا لذلك يزورون الأوراق وينتزعون المنازل من أهلها انتزاعا بحجة شرائها كذبا وبهتانا.

 أما اليوم فقد كشر الخطر عن أنيابه ولم يعد هناك ما هو سر فالحكومة تسعى لتحقيق هدف انفرادها بالقدس بزيادة الاستيطان والتهجير وتضييق الخناق على الفلسطينيين.

 ولا غرابة فهم ومنذ النشأة يسعون لذلك، وقد تسارعت وتيرة تحقيقه من طرف الولايات المتحدة في ظل الرئيس دونالد ترامب وهذا أمر طبيعي لكن أن يبلغ الحد في خذلان قضية الأمة والإعراض عنها حد التطبيع والمبادلات الثقافية فذاك والله انتكاسة كبيرة وأمر جلل.  

 إننا معشر الشعوب المغاربة بالمفهوم الواسع ندري أن هناك بابا يسمى باب المغاربة كان أجدادنا يدخلون منه و “حارة” تسمى “حارة” المغاربة كان أجدادنا يمكثون بها زمن الزيارة، لنا حق لن نتنازل عنه، ولن نتخلى عنه، في أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين أرض الإسراء والمعراج لن نقبل التطبيع و سنرضع أطفالنا من حليب الرفض حتى يرتووا ولن نألو جهدا في توريثه حتى نسترجع الحقوق كاملة غير منقوصة. 

مريم عبد الوهاب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى