ارتق بروحك

التكافل الاجتماعي

إن التكافل الاجتماعي من الزاوية الاجتماعية قانون من أرقى قوانين الاجتماع إذ تتوقف على التمسك به وعلى العمل بمقتضاه قوة الأمة وهيبتها واستمرارها وله في نهجه مسلكان : مسلك أدبي ومسلك مادي .

أما الأدبي فهو المعروف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي طالبت الشريعة الإسلامية به ووعدت بالمثوبة عليه بالفلاح ( ولتكن منكم امة يدعون على الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) وعلى أساس القيام به بنيت الأمة الإسلامية في بداية عهدها وبتلك الروح كان الجاهل يتقبل النصيحة من العالم وكان الصغير يعيها عن الكبير والناس يتهافتون عليها من الحكيم ولا غرابة في ان يكون الصغير يسدي النصيحة للكبير وفي هذا المجال يمكن أن نستأنس بقول المتنبي :

     وما الحداثة من حلم بمانعة قد

                     يوجد الحلم بالشبان والشيب

ومن غيره وقديما قيل نؤخذ الحكمة من غير حكيم فخلقت تلكم النصيحة ” الدين النصيحة ” وأثرها الوهاج في النفوس فاستقامت الأمة وقويت وعظمت أهميتها فتدحرجت التيجان وقوضت الإمبراطوريات وأدخلت في طاعة الإسلام أمما كانت تناصبه العداء وتتربص به الدوائر .

وأما الجانب المادي فقوامه إزالة اضرر وقد رغب الشارع فيه ترغيبا كبيرا وشن على من أهمله واخل به بل أوعده إيعادا مخيفا في حين جعل بعضه الآخر ركنا من أركان الدين فمن الأول إغاثة الملهوف وتامين الخائف وإطعام المسكين واليتيم والإنفاق في سبيل الله , والثاني هو الزكاة .

و التكافل بين الفرد والجماعة : مطلب من مطالب الشرع قد خاطب فيه الفرد كما خاطب الجماعة , اعتبر أن الفرد مكلف برسالة في المجتمع هي الرعاية ” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته  ” وإتقان عمله :( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) وبتغيير المنكر .

والجماعة مكلفة بالتعاون ) وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ( , وتقع التبعة على الأمة إذا هي توقفت عن رد أبنائها عن المنكر : ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ).

والأمة في تماسكها وتعاضدها كالجسد الواحد ” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.ومن هنا كانت الأمة مكلفة بإطعام الجائع وبحماية المسلم في حياته في مرضه وفي ماله ولذلك شرع القصاص والجلد وسائر التعزيرات وهذه كلها تضرب أروع  صور يتجلى فيها التكافل بين الفرد والجماعة وبين الجماعة والفرد كما يتجلى فيها وقوع التبعة على كل من يحيد عن القصد.

بقلم / خديجة احمد عبد الله

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى