ثقافة وأدب

المرأة بين البيلوجي والثقافي

 

سيدي ولد سيد أحمد البكااي باحث مهتم بقضايا

ذكر أم أنثى ؟ سؤال يتردد عند كل ولادة في مجتمعاتنا العربية وبعد الجواب تتحدد معالم مستقبل المولود بما يريده الأهل ومن خلالهم المجتمع ما يجب أن يكون وما يجب أن يتربى عليه.

فإن كان ولدا ذكرا فيجب عليه أن يكون  قويا ذكيا متعلما وينتظر منه أن يرفع من شأن أهله و أن يكون خير خلف لخير سلف،  وإن كانت أنثى فإن الأمر لا يحتاج إلى كبير عناء في رسم مستقبلها، فهي تنتظرها منظومة جاهزة من العادات والتقاليد و القيم المعدة سلفا، ويجب عليها أن تحفظها وأن تتمثلها حتى النخاع وأي إخلال بها مهما يكن بسيطا يعتبر خطأ جسيما يزعزع أركان العشيرة و المجتمع.

ولكي لا نذهب بعيدا تذكر معي أخي القارئ الكريم أيام الطفولة, بل قد لاتحتاج للتذكر فالأمر نعيشه يوميا  في منازلنا و في الشوارع و الأزقة ، حين ما يركن الأطفال إلى لعبهم وسواء في المدينة أم القرية أم البادية فإن التمييز بين الذكور و الإناث يكاد يكون متطابقا وذلك من خلال نوع الألعاب التي يسمح بها للأطفال ، فالذكور يسمح لهم بالبندقية أو السيارة أو الطيارة وهم  بذلك يهيئون من خلال منظومة التنشئة الاجتماعية إما ليكون الواحد منهم ضابطا أو ملاحا أو معلما أو عالما……والبنت من خلال الدمية وأثاث البيت والخيمة المتكاملة ( لوزار) تأهل لكي تصبح جميلة و أما وزوجة صالحة.

وهكذا منذ التنشئة الأولى تتدخل الثقافة في تمايز البنات عن البنين وتختلف درجة هذا التمايز من مجتمع إلى مجتمع آخر ومن أمة إلى أخرى.

وتشترك مختلف هذه الثقافات في إسقاط الخصائص الخلقية – بفتح الخاء ـ للبنت على مستقبلها ، فيجب عليها أن تكون امرأة، إلا أن هذه المرأة تختلف من ثقافة إلى أخرى ، فالمرأة الهندية ليست المرأة الفرنسية والسعودية ليست بالضرورة المغربية وليست الموريتانية، وهذا ما جعل العديد من الباحثين وخاصة في التيارات النسوية يقول بأن المرأة ليست سوى مقولة ثقافية، بمعنى أنها وعلى حد تعبير الباحث المغربي محمد حميد البخاري ، مجموعة أدوار يكلف بها المجتمع الأنثى، وهذه الأدوار تختلف من مجتمع إلى آخر حسب عاداته و تقاليده.

فالخصائص البيولوجية  هي خصائص ثابتة تشترك فيها مختلف نساء الكون وهي على كل حال سنة الله في خلقه ، أما الخصائص الثقافية فهي كما قلنا تتلون بلون الثقافة السائدة وما دام الأمر على هذا الحال ألا يحق لنا التساؤل التالي:

ما العمل إذا كانت بعض هذه الخصائص الثقافية المكتسبة من خلال التنشئة الاجتماعية التي تتحكم فيها منظومة من العادات و التقاليد،تعيق تقدم المرأة ومشاركتها في أداء رسالتها الإلهية المتمثلة في الاستخلاف في  الأرض بغية تعميرها؟

 وما العمل إذا كان تعمير هذه الأرض يحتاج إلى علم والبنت في بعض مجتمعاتنا محرومة من التعليم وإن تعلمت فهي مهددة بالتسرب في مراحله المبكرة نظرا لمجموعة من الأمور لا نود الغوص فيها حاليا.

ما العمل إذا كان تعمير هذه الأرض يحتاج إلى العمل والمشاركة الجادة في صنع القرار وما زال بعضنا ينظر للمرأة العاملة بكثير من الريبة ويضع أمامها العديد من علامات الاستفهام؟

أعتقد بأن هذه الأسئلة لا تحتاج إلى جواب فالأمور واضحة وجلية فما يقره الشرع الحنيف على رؤوس الجميع ويجب علينا احترامه ، بيد أن الذي لايقره عقل إلا إذا كان مريضا ، هو أن تظل نساؤنا ترزح تحت وطأة منظومة من العادات والتقاليد التي لا تمت لديننا ولا لقيمنا بصلة ، صحيح أن العادة كالشرع ما لم تخالفه وحينها تصبح غير ملزمة لنا في شيء. 

سيدي ولد سيد أحمد البكااي

باحث مهتم بقضايا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى