آراء

شبابنا والقراءة

ما أعظمَ أوّلَ أمرٍ إلهي لهذه الأمة (باعتبارها أمة حبيبنا المصطفى).. وما أجدرنا بامتثاله… لكنّ العجيب أنه لم يكن صلّواْ أو صومواْ، أو آمنواْ حتى! بل هو “اقرأ”.. تخيّلواْ معي: أمر الله نبينا(الأميّ!!) بالقراءة… وفي أمره أمرٌ لنا أمتَه…

فأين نحن اليوم من هذا الأمر الإلهي العظيم؟! وأين شبابنا من ثقافة القراءة والاطّلاع؟!! أين أمة “اقرأ”… ذاك النداء العُلْويّ الجليل.. الذي تردد صداه في غار حراء. حين رأى رسولنا الكريم جبريل لأول مرة..

وكانت تلك الكلمة فاتحة وحيِ السماء.. للإنسانية عامةً ولأمة الحبيب خاصة.. فما أعظمها من كلمة كانت أول ما نزل من رب العالمين إلى أعظم بشرٍ في آخر الزمان.

وما نراه اليوم من تأخر أمتنا عن سائر الأمم… وتخلفها عن ركب الازدهار والتقدم.. ما هو إلا نتيجة لابتعادنا عن نداء ربنا الجليل (في أمرٍ آخر للنبي الأمي!!) : {وقل رب زدني علمًا}.. ففي حين لم ير شبابنا(وأعني بها فتياتنا أيضًا) تقديرًا للعلم وحامليه في بلاد الإسلام عزفواْ عن الدراسة.. وانتشرت ظواهر الرسوب والتسرب المدرسي.. فازدادت نسب الجهل والأمية (رغم مساهمة عوامل أخرى في ذلك كالفساد الإداري والمجاعات والحروب).. بل وبلغ الأمر بهم أن صار طلب العلم سُبّةً وأصبحت الثقافة عيبًا يردّ به كلّ من في مقتبل العمر!!… ولعلّ لقب “فِيس” المنتشر في وطننا موريتانيا خير دليل على ذلك.. حتى بات ذاك اللقب يطلق على أكثر الطلاب اهتمامًا بدراسته وأشدهم طلبًا لعلوم العصر.. ومن ثمّ فهو لقب يحمل كل أنواع الاستهزاء والسخرية والتنمر.. وما ذاك من حال بقية دول الإسلام ببعيد..

 

لم نعرف للعلم قيمته ولا للقراءة مكانتها.. فصار كهولنا-فضلًا عن الشباب-غافلين عن الفضائل لاهين عن علوم العصر من تطور واكتشافات.. فضاعت بذلك أخلاق وتاهت به نفوس.. وكل أمة ترتفع بثقافة أفرادها واطلاعهم.. وبعد، فالقراءة طريقة سهلة وبسيطة لاستنباط الحِكَم والأخذ بتجارب الآخرين دون عناء.. فكم كاتب أودع تجربته -الممتدة لخمسين عامًا -في كتاب ذي مائة وخمسين ورقة!!.. وأعلم أننا لطالما سمعنا أن الكتاب خير جليس.. لكنّ المتعة ليست في مجالسة صفحات الكتب.. وتمرير أعيننا على الحروف الخرساء، بل هي في الغوص في نفوس الكتّاب وشخصياتهم وثقافاتهم المختلفة.. وأخذ المفيد النافع من ذاك كله وترك السيء الضار منه..

وفي الختام.. أما آن لأمتنا النائمة أن تستفيق!.. ألم تنهكنا الحروب ويفتك بنا الجهل!.. ألم يئن الأوان ليشدّ شباب الأمة على أيدي بعضهم سائرين في نهج الرقي والازدهار دون حياد عن المنهج القويم؟!.. أسأل وأجيب: بلى؛ آن الأوان.. بات لزامًا على شباب المسلمين تعلم كل علمٍ نافع والتدرب على كل فنٍ مفيد.. عملًا بقول الرسول عليه الصلاة والسلام:(الحكمة ضالة المؤمن، أنّى وجدها فهو أحقّ بها).. في المدارس والجامعات أو خارجها.. في الوطن والغربة.. في الكتب والقراطيس.. أو الهواتف والانترنت.. العلم واجب وفريضة.. ونحن أحقّ به.. أما الجهل فهو منقصة ومعرة ومورد من موارد هلاك الأمة.. وفوق ذاك كله، هو أقصر سبيل يُسلَك إلى الجحيم!!…والسلام عليكم

الكاتبة: تسلم/محمد غلام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى