آراء

دون مأوى

بين تلك الأزقة الضيقة في بلد – يزعمون أنه – عربي شقيق انطلقت “ميسان” تطوي الأرض مرّت أعوام عديدة على وجودها هنا. باتت تحفظ كل شبر تستطيع المشي مغمضة العينين ميسان امرأة ثابتة الجنان واضحة البيان تكتب عن معاناة أمّتها وتحكي آلام شعبها المكلوم وقفت تنتظر دورها في صف طويل فقط لتنال كسرة خبز تسدّ بها جوع أطفالها

 

مرّت أمامها فتاتان تتسابقان رمقتهما بألم بعيدتان هما عن وطنهما تقبعان في جوع وخصاصة تذكرت كيف كان الأمل يداعبها وهي في مثل سنهما سمعت مرة قول العرب:(إنا قادمون يا قدس) ابتسمت ببراءة حينها لكنها الآن تعي كل شيء ليسوا قادمين!! حسنًا لابدّ للإنسان من آمال أمل ليحيى وأمل ليبقى وأمل كي لا يموت!! لكنها تكتفي بضباب أمل وشتات ذكرى لتحرير الوطن للعودة للأرض وللموت فوق ثرى الأجداد.

جالت بعينيها في السماء كانت عميقة التفكير عيناها تحملان أضدادًا من كل شعور يمكن أن يخالج النفوس أو يبعثر الكيان ألم وأمل مرح ويأس خوف وجسارة.

ابتاعت كسيرات خبزٍ وصحيفة أخبار محلية ثم عادت نحو “المخيم” كسيرات لا تسمن ولا تغني من جوع وكذلك الخيام لا تقهم حرًا ولا تحميهم من ثلوج صُعقت حينما قرأت خبرًا في الصفحة الأولى من الجريدة (مطالبات بطرد اللاجئين الفلسطينيين من البلد) هل هذا ما يسمّونه أخوة؟! أم كان ويخدعوننا حين قالواْ نحن إخوتكم (كما خدعونا بقولهم قادمون يا قدس!) تشتت الأفكار عقلها – الذي لا يتوقف عن العمل-حائر الآن!! يطالبون بطردنا ونحن إن لم نكن إخوانهم بالعروبة فإخوانهم بالدم! هذه الشعوب هي في الأصل شعب واحد لا يمكن لخطوط رسمت على خريطة أن تحدد مصيره واصلت القراءة لتجد أن كاتب المقال يعزو تلك المطالبات إلى ضائقة مالية يمر بها أغلب المواطنين وتدهور اقتصادي يعيشه البلد “ونحن السبب!” ابتسمت في سخرية لا تعلم من يقف خلف هذا النوع من الحملات لكنها تعرف -حتمًا- أنه لا يريد الخير لكلا الفريقين هرولت باحثة عن عدتها وعتادها قلمها وأوراقها ثم انطلقت تكتب كم تشعر بالسعادة حين تدوّن آلام شعبها وتروي بؤسه تحسّ كأنها فارس عربيّ مقدام يدافع عن المظلومين وينصر الضعفاء حسامه قلم والمداد الدماء كنانته أوراق وسهامه كلمات

آهٍ لوطن منكوب وشعب جريح لكِ الله يا فلسطين…

يا قدس لا تنادي لا تئنّي فما عاد فينا من يسمع الأنين

لا تنادواْ فما من مستجيب وا أسفاه على المسلمين

أصبحنا نرتدي ثيابًا من خنوع ونحمل أوسمة لعارٍ وتطبيع خيرنا خيرنا لليهود وأسرعنا إبرامًا للمواثيق والعهود أفضلنا- في هذا الزمان- من يبيع حقّ إخوته ببعضٍ من فتات الحياة الفانية ولو على حساب حظه في اليوم الموعود.!!

 

ليس حقّ شعبٍ بأكمله يتمنّى العيش بحرية والحياة بسعادة فقط ولا حقّ إخوتنا المحاصرين في غزّة، الذين أنهكتهم الحروب والأوضاع الاقتصادية الصعبة… ولا حقّ الأقلية الفلسطينية في الداخل المحتل، الذي انتشرت فيه المستوطنات انتشار النار في الهشيم… وهو ليس حقّ الملايين من الفلسطينيين المشتّتين حول العالم الذين يحلمون بالعودة إلى وطنهم والاستغناء عن صفة “لاجئ” التي أصبحت ملتصقةً بهم ليس الحق المبيع حقّهم وحدهم… إنّما هو حق أمة الإسلام في إقامة شعائرها الدينية والدفاع عن مقدّساتها وعقيدتها الراسخة ونصرة الإخوة المستنصرين بنا {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر}… وهو- فوق كلّ هذا-بيعٌ لحقّ كلّ إنسان حرّ في التنديد بالظلم والوقوف في وجه الظالمين.

 

رفعت ميسان عينيها عن الورقة ثم جالت بهما في الخيمة حولها فرشٌ بالية وأسمال متّسخة وجوه أطفال بريئة.

متعبة تأمّلتْ نار الموقد التي تشتعل وتتّقد رغم أنّه ليس في القِدر فوقها إلا الماء!! هكذا أصبحنا نعم هكذا نحن للأسف تغلي صدورنا ولا فائدة إلا بخار عابر ليس لنا من الأمر شيء مغلوبون- نحن – على أمرنا…وما لنا إلا التسليم والاستسلام

 

ختمت مقالتها بنصيحة للمسلمين ارفقواْ بإخوتكم أعينوهم وارأفواْ بهم إذ لم تقدرواْ على حمايتهم والدفاع عنهم نحن أمة واحدة شاء من شاء وأبى من أبى انصروهم بمنشوراتكم بمناهضتكم للمحتلين ومقاطعتكم للغاصبين انصروهم بقلوبكم فحبهم نصر لهم وبغضكم المحتلين نصر

 

{وما النصر إلا مِن عند الله،إنّ الله عزيزٌ حكيمٌ}…

الكاتبة: تسلم محمد غلام 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى