معالجات

ضوابط بناء الأسرة المسلمة

1. ماهي الضوابط التي ينبغي أن يقوم عليها اختيار الزوج أو الزوجة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد فنحن بحاجة إلى العودة إلى الضوابط الإسلامية وتحكيمها في أمورنا الاجتماعية كما نحن بحاجة إلى العودة إليها في الشؤون الاقتصادية والأمور السياسية فالإسلام هو الحل في كل المجالات . والضوابطُ التي ينبغي أن يقوم عليها اختيار الزوج أو الزوجة هي :
أولا :الدين وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم « تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ». رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس يتزوجون المرأة لهذه الأمور ثم أمر بأن يكون أساس الاختيار الدين
ثانيا هناك بعض المعايير التي دلت النصوص على أنه ينبغي مراعاتها مع الدين مثل الإنجـــــــــاب قال النبي صلى الله عليه وسلم ” تزوجوا الودود الولود فإنى مكاثر بكم الأمم . ” رواه أبوداود وابن حبان في صحيحه
ومثل (المعــــــــدن الطيب ) قال النبي صلى الله عليه وسلم (الناس معادن خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا » رواه البخاري
ومثل( الشكل ) ولهذا شرع النظر إلى المخطوبة
وهناك أمر لا بد من مراعاته وهو (الرضا )فالنصوص الشرعية تدل على منْع جبــر المرأة على الزواج وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” لا تُنكَح البكـــر حتى تُستأذن ولا الثيب حتى تُستأمر . ” رواه البخاري ومسلم
وقد كتب ابن القيم في زاد المعاد بحثا مطولا في هذا الموضوع فليراجعه من شاء
ثالثا :ينبغي مراعاة الصفات التي يؤدي توفُّرها إلى الانسجام والتفاهم فذلك هدف مطلوب شرعا وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالنظر إلى المخطوبة بذلك فقال للمغيرة بن شعبة ” اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يُؤدَم َبينكما . “رواه أحمد والترمذي وابن ماجه ومعناه أن النظر إلى المخطوبة سبب لحصول الألفة والاتفاق إذا تزوجها بعد النظر يقال أدَم الله بينهما يأدم أي ألف ووفق
وهذه الصفات التي يؤدي وجودها إلى الانسجام بين الزوجين متغيرة بتغير الزمان والمكان والبيئة والأعراق ، أما مراعاة الدين فهي الثابت الذي لا يتغير
2. ما هي الضوابط الشرعية التي تدبر العلاقة بين الزوجين ؟
من أهم ما ينبغي أن يتميز به المسلم الخلق الحسن فعن أبي الدرداء قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة رواه أحمد وأبو داود و الترمذي
والنبي صلى الله عليه وسلم –وهو قدوة كل مسلم وقد مدحه الله عز وجل بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم )- يدعو في صلاته “واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت . ” رواه مسلم .
هذه الأخلاق التي منها الحلم والصبر وكظم الغيظ والمغفرة عند الغضب والعدل في القول والسخاء وأداء الحقوق كاملة – ينبغي أن يتجلى بها كل واحد من الزوجين في تعامله مع الآخر وكلما ترسخت هذه الأخلاق في كل واحد من الزوجين كانت العلاقة بينهما أفضل .
وهناك توجيهات موجهة للرجال فقد أمر الله الأزواج بحسن العشرة فقال ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) ودعا الرجال إلى التفضل على النساء فقال عز وجل ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة وقد فهم الطبري من هذه الأية أن قوله ( وللرجال عليهن درجة )خبر بمعنى الأمر فهي دعوة للرجال أن يؤدوا الحقوق كاملة وأن يتفضلوا على النساء .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن بملاحظة الجوانب المضيئة من أخلاق الزوجة فقال صلى الله عليه وسلم : ” لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رض منها آخر . ”
ودعا النبي صلى الله إلى الرفق بالنساء وحسن عشرتهن فقال : ” استوصوا بالنساء خيرا. ” رواه مسلم ومعناه اقبلوا وصيتي فيهن أو معناه أوصوا بالنساء خيرا.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ظلم النساء فقال في حجة الوداع
فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله . ” رواه مسلم
هذه الضوابط كفيلة ببناء البيوت السعيدة ولذلك ينبغي القيام بالتوعية على أساسها
3. كيف تدبر الشريعة الخلاف بين الزوجين ؟وما هو دور الأهل والأقربين من المنظور الشرعي ؟
من الطبيعي أن تكون هناك خلافات بين الزوجين ناشئة عن اختلاف البيئة أو اختلاف التربية أو اختلاف وجهات النظر أو عن شعور بعدم التقدير من الطرف الأخر أو عن تصرف غير موفق أو غير ذلك.
والالتزام بالأخلاق الإسلامية في حال الرضا والغضب أمر لا بد منه ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ) فالفجور في الخصومة خصلة من خصال النفاق . والمسلم مطالَب بالتوبة والرجوع إلى الحق إذا ارتكب خطيئة .
والحوار والشورى من أساسيات العلاقة الناجحة ألم يقل الله في موضوع فطام الأطفال ( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما )
والاتفاق على دستور للحياة من الأمور المهمة.
ومعرفة كل طرف ما يحبه الطرف الآخر وما يكرهه والعمل بمقتضى هذه المعرفة ضروري لتقليل الخلاف وتقليل تأثير الخلاف إن كان .
والابتعاد عن اتخاذ القرارات في أوقات الغضب أمر ضروري : ” لا يقضين حكَم بين اثنين وهو غضبان ” رواه البخاري
وأما دور الأهل والأقربين فهو السعي في توطيد دعائم الألفة والمحبة والثقة والتفاهم ولا يجوز أن يكون لهم دور في تأجيج الخلافات .
4. ما هي خطورة الشائعات على تماسك الأسرة بل وعلى تماسك المجتمع؟.
موقف المسلم تجاه الشائعة يتمثل
أولا: في حسن الظن بأخيه المسلم وبأخته المسلمة .
وثانيا : في عدم ترديد الشائعة وعدم نقلها للآخرين فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ) رواه مسلم
وثالثا : في المطالبة بالدليل والبرهان والتدقيق في أسانيد الشائعة على طريقة المحدثين . وبذلك نسلم من خطر الشائعات
5. على من تقع مسؤولية تربية الأبناء في حالة استقرار الأسرة وفي حالة الانفصال؟
الطفل -كما يقول أبو حامد الغزالي – ” أمانة عند والديه وقلبُه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نفش وصورة وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يمال به إليه .
والرجل مسؤول عن هذه التربية والمرأة مسؤولة عن هذه التربية
يقول الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا)
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم ) رواه البخاري ومسلم
والتربية المطلوبة بالإضافة إلى التربية المادية تشمل التربية على أداء الفرائض والتربية على ترك المحرمات والتربية على الأخلاق الفاضلة كالصدق والأمانة والكرم والجد وعلو الهمة .
والتربية بالقدوة قد تكون أهم من التربية بالقول فلا بد أن يكون الرجل قدوة وأن تكون المرأة قدوة وأن يرى الطفلُ في الأب والأم الأخلاقَ الفاضلةَ التي يوَدَّان أن يتخلَّـــــق هو بها
6. هل للأسرة دور في بناء المجتمع ؟
الأسرة لبنة من اللبنات التي يبنى بها المجتمع وبمقدار ما تكون اللبنات قوية وسليمة يكون البناء قويا وسليما .
ولذلك كان للأسرة في بناء المجتمع أهم الأدوار فمن الأسرة جاء الأفراد الذين غيروا التاريخ جاء المجددون ودعاة الخير وبناة النهضة ولذلك لا بد من الاهتمام بالأسرة وإحاطتها بالرعاية والعناية وتشجيع الجمعيات المهتمة بذلك .
فالفرد والأسرة هما أساس ما نطمح إليه من إصلاح وتغيير.
7. كيف تنظر الشريعة إلى العادات والتقاليد ؟
العادات والتقاليد قد توافق الشرع مثل عادات إكرام الضيف وبر الوالدين وتوقير الكبير وعيادة المريض والفصل بين الجنسين في التعليم في بعض البلاد
فهذه العادات إسلامية وكونها صارت عادة دليل على ترسُّخ تعاليم الإسلام في المجتمع فتصبح هذه التقاليد محمية بوازع المجتمع مع وازع الدين .
وقد تكون العادات مخالفة للشرع كعادة الاختلاط في المدارس ورجوع المطلقات إلى أهلهن فور الطلاق فهذه العادات مرفوضة شرعا ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
والعرف إن خالف أمر الباري وجب أن ينبذ في البراري
وهناك عادات تواضع عليها المجتمع ولم يأمر بها الإسلام ولكنها لا تخالف الإسلام فالخروج على هذا النوع من العادات إذا كان يؤدي إلى وقوع العداوة والبغضاء بين الناس ويجر إلى الاختلاف والافتراق فينبغي تجنبه والله أعلم

الشيخ محمد الأمين بن الشيخ بن مزيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى