حديثي إليك… في سفر الخالدات
من عبق التاريخ تستلهم الخصال وفي فضاء الإسلام الرحب تنشأ الحريات، وفي قدواته الحية تتجسد معاني الحياة فتعبر الأزمان ناطقة بالصدق ترسم المعالم على نهج مبين بعيدا عن الزيف والزبد الذي يذهب جفاءً لتضيف قيما راسياتٍ تسمو بمن لايهاب صعود الجبال نحو القمة ومايزال منذ اليقظة في ترقي وصعود.
تلك دروس نقرأها ونحن نفتش في سفر الخالدات فكيف بمن كانت تدس في التراب أو تمسك على هونٍ تقف شامخة في وجه الطغيان لتحمي رحلة الهجرة النبوية وتأمن مسير الدعوة وهو موقف ضربته أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين رضي الله عنها.
ومن أين استمدت سمية تلك القوة التي واجهت بيها الكفار حتى نالت لقب أول شهيدة فى الإسلام وأي خير نزل بأمنا خديجة رضي الله عنها وهي تطمئن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستقبل الوحي من رب العالمين(واللهِ لايخزيك الله أبدا…). وهل حوت عائشة العلم الوفير إلا بالفطنة والحفظ والسؤال؟
يومها أدركت المرأة حجم المسؤولية ومساحة الحرية التي منحها الإسلام فلم تغب يوماً عن مواقف التأسيس والمشاركة في بناء صرح الإسلام، فهذه نسيبة بنت كعب تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وتلك رفيدة الأسلمية تداوي الجرحى وتدرب الفتيات على التمريض وتحضر أم سلمة رضي الله عنها صلح الحديبية وتقدم الرأي السديد ليستجيب الصحابة رضي الله عنهم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيحلقون وينحرون وتصابر الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها على خدمة بيتها حتى تشكو حالها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ويستمر التاريخ الإسلامي في انجاب الخالدات… نماذج لايحصرها العد تحكي جوانب الحياة المتعددة لترفع صورة ناصعة لأمرأة أذن الله أن تؤمن فأفاضت على الكون سخاءً من العزة والعلم والجهاد وسلكت طريقا لاتخاف درك الملهيات ولا شقاء الفتن فبمثلها يقتدى وعلى دربها يحلو المسير.
د. المفيدة سيد المختار