ارتق بروحك

كن قدوة 2

الكاتبة تسلم محمد غلام

وفي هذا الصدد ثلاث رسائل نرسلها

الأولى إلى الآباء والأمهات:  

يقول الشاعر:

إذا كان ربّ البيت للدف ضاربًا

          فلا تلُمِ الصبيان يومًا على الرقص

أنى لنا أن نرجو خيرًا من طفل والداه غافلان عنه بل الأدهى أنهما – ربّما – يقترفان أمامه المعصية؟! إن أيّ أمل في هذا الطفل لسراب!

وما الأجيال المؤثرة إلا أطفال غدو رجالًا، وما الرجال إلا بتربية الأهل أولًا، وتزكية أنفسهم ثانيا، وبفضل الله قبل كل ذلك.

لذا، ليس من المرجوّ إثقال كاهل الطفل بما يسبب تبرمه من الدين وربما بغضه للعبادة من أوامر ونواهي لا نمتثلها في أنفسنا أصلًا٫ إنما الرجاء أن يرى الطفل في سمت والديه انعكاس نور الإيمان وفي أخلاقهما آثار التقوى والإحسان.

إن الوالدين هما المؤثر الأول والأقوى في صناعة كل فرد، سواء من حيث شخصيته ونظرته للحياة أو أفعاله أو أفكاره وتطلعاته.

وقد قال رسول الله ﷺ:(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته….)، فاللهَ اللهَ في الأمانة.

 الرسالة الثانية إلى الأساتذة والمعلمين :

يقول أمير الشعراء:

قم للمعلم وفّه التبجيلا

              كاد المعلم أن يكون رسولًا

نعم، فالمعلم يوصل رسالة العلم السامية لتتلقاها الأمة جيلًا بعد جيل، وهذه مسؤولية عظيمة؛ فالعلم في متناوله والنشء بين يديه، وعلى كاهله أمانة إيصال العلم لهم وغرس الأخلاق والقيم في قلوبهم.

يا أيها المعلمون والأساتذة اشحذوا الهمة، واتقواْ الله في آمال الأمة، كم معلمٍ أثّر في طلابه فكانت الثمرة حبهم لله و اهتمامهم بالإسلام!، كم أستاذ هدى الله به والتزم على يديه تلاميذ كثر!،كم معلمة بفضلها زُرع الحياء في أخلاق الفتيات، وكم أستاذة كانت قدوة لبناتها في المدارس بزيها المحتشم وخلقها الحسن، وكم وكم وكم… إن الأمثلة لا حصر لها في هذا الشأن.

التعليم ليس مجرد مسائل ورموز وكتابة وحفظ، التعليم أساس التربية والمدرسة هي المنزل الثاني للطفل تؤثر عليه كما يؤثر فيه والداه، إنها جهد متوازٍ لجهود العائلة في المحافظة على أخلاق الفرد ومبادئه وتنشئته بشكل صحيح.

 الرسالة الثالثة والأخيرة إلى المشاهير والمؤثرين:

بدايةً، ليس عيبًا أن تكون مشهورًا إنما العيب حقًا أن تندم على التفريط بجاهك دون الإسهام به في الدعوة إلى الله، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

ثانيًا لا تناقض بين كونك مشهورًا (لاعبًا، صحفيا، كاتبا، أو “فاشينيستا” حتى..) وكونك داعيا إلى الله تدعو الناس بالتي هي أحسن.

ثالثًا لن تنقص الدعوة وإرشاد الناس ونصحهم من رزقك شيئًا؛ فالأرزاق بيد الله، و قد كُتِب رزقك قبل خروجك للدنيا! كما أنّ فعل الخير لا يجرّ لصاحبه إلا الخير.

وتذكروا قول رَسول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: (مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بهَا بَعْدَهُ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شَيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بهَا مِن بَعْدِهِ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أَوْزَارِهِمْ شَيءٌ).

رواه مسلم.

 واليومَ ما أحوجنا إلى شباب مؤمن واعٍ ومؤثر، جمع العلوم الدنيوية والشرعية، وبنى الدنيا كما مهّد للآخرة، يكون قدوة حسنة لغيره ويُبقي أثره للسائرين من بعد.

 

يا فتيات -كلمة خاصة- الأمة ترى فينا أملها المنشود وترجو أن يكون هذا جيل تحرير الأقصى من اليهود. إن الجمال لا يعني التبرج وإظهار المفاتن، و لن ينقص الاحتشام والحياء جمالكِ أختي بل سيزيده.

حساباتكِ على مواقع التواصل الاجتماعي هي حسابات جاريةٌ للحسنات أو السيئات، تبقى حتى بعد موتكِ، فاحرصي أن تكون تلك الحسابات وما تنشرين فيها منارًا للخير وعونًا لمن يبتغي طريق الهداية ولا تجعليها سيئات جارية، يفنى الجمال ويذهب القبر بالحسن وتبقى المنشورات تبعث سيئات لا تحصى ولا تعد.

أعلم حبكم جميعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والحب لا يكون بغير الاتباع والدعوة إلى ما دعا إليه، وقد قال عليه الصلاة والسلام:(بلّغو عني ولو آية)،ولو آية!،تكون غدًا شفيعة لنا يوم القيامة ولعلّ الله أن يهدي بها

واعلمنَ أخواتي المشهورات (أيًا كان سبب تلك الشهرة) أنّ كثيرًا من البنات والفتَيات الصغيرات يضعنكنّ نصب عيونهنّ؛ فأنتنّ لهنّ قدوة ويكفي فخرًا لإحداهنّ أن ترتدي مثل فلانة أو تفعل مثل فلانة؛ لذا فإنّ لديكنّ فرصة للدعوة إلى الشريعة السمحاء وتمثيل القدوة الحسنة لهنّ أو العكس أيضًا، فلكنّ الخيار!..

أرجو أن تصل الرسائل إلى المعنيين بها، وأتمنى كذلك أن لا ننسى أنّ لكلٍ منا فرصة في نفسه فليكن:(خلُقُه القرآن) وليكن دعوةً لله تمشي على الأرض ومثالًا حيًا للإيمان الصادق به.

 والسلام ختام؛ فالسلام عليكم.

الكاتبة: تسلم محمد غلام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى