ارتق بروحك

المسارعة إلى الخيرات

تعتبر المسارعة إلي الخيرات من أهم مميزات سلفننا الصالح لأنهم فهموا من وحي الله ومن كلام رسول الله صلي الله عليه وسلم الدعوة إليها بل التأكيد علي طلبها فقد قال الله تعالي : “سارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض  أعد ت للمتقين ” آل عمران الآية 144 وقال جل من قائل في سورة البقرة “فاستقوا لخيرات …” الآية 147  وقال جل شأنه  “سابقو إلي مغفرة  من ربكم وجنة عرضها السماوات و الأرض  أعدت للذين  امنوا بالله ورسوله ذلك فضل الله يوتيه من يشاء والله ذو الفضل  العظيم ” الحديد الآية 20 .وقال سبحانه وتعالي  “لمثل هذا فليعمل العاملون” الصافات الآية 61  وقال جل شأنه في الآية  26 من سورة المطففين ” وفي ذلك فليتنافس المتنافسون”  وقال رسول الله  صلي الله عليه وسلم  في شأن   الدعوة إلي المبادرة بالأعمال “بادروا بالأعمال ستا ….” رواه مسلم . وقال صلي الله عليه وسلم فيما رواه  الترمذي وقال حديث حسن : “بادر بالأعمال سبعا …”

فكل هذه الأوامر ينبغي   أن نتلقاها بالاستجابة كما تلقاها سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين و تابعيهم   بالتطبيق علي أرضي الواقع .

وإليك أيها القارئ الكريم نماذج حية من هذا التطبيق حتى لا تبقي الأمور نظرية :

أول هذه النماذج مسابقة عمر رضي الله عنه عندما جاء بنصف ماله  وقال اليوم أسبق آبا بكر فلما سأله رسول الله صلي الله عليه وسلم ماذا تركت لأهلك فقال عمر نصفه فسأل رسوا لله صلي الله عليه وسلم  أبا بكر فقال تركت لهم الله ورسوله فعلم عمر أنه سبقه فقال لا أسابقتك بعدها أبدا.

أم النموذج الثاني  فهو عندما شكي فقراء  المسلمين لرسول الله صلي الله عليه وسلم  فقالوا ذهب أهل الدثور (الأموال الكثيرة) بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم فقال صلي الله عليه وسلم ( وإن لكم في كل  تكبيرة  صدقة فسمع الأغنياء ذلك فقالوه  فقال صلي الله عليه وسلم ذلك فضل الله يواتيه من يشاء  فهؤلاء الفقراء يسابقون الأغنياء ويبحثون عن ما يدركون به  أجرهم  وهؤلاء الأغنياء أيضا لا يرضون إلا أن يسابقوا الفقراء بالتسبيح والذكر من هذه النماذج نموذج عكاشة الذي سأل رسول الله أن يدعو له  أن يكون من الذين  يدخلون الجنة بغير حساب ولا عقاب فقال أنت منهم فقال رجل  أدع الله  أن أكون منهم فقال سبقك بها عكاشة

ومن هذه النماذج تنافس الصحابة رض الله عنهم  علي أخذ الراية يوم خيبر عندما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لأعطين الراية غدا رجلا  يحبه الله ورسوله  يفتح الله عل يديه  فقال عمر ما تمنيت الأمارة إلا ذاك اليوم. حيث صار يرفع   رأسه  ليراه  رسول الله صلي الله عليه وسلم  هذا عن الصحابة  رضي الله عنهم,  أما عن جيل المسارعين فحدث ولا حرج  قال الحسن البصري رحمه الله : ” من نافسك في  دينك فنافسه  ومن نافسك في دنياك  فالقيها في نحره “.

وقال  وهب آبي الورد “إن استطعت ألا يسبقك إلي الله أحد فافعل”  وقال شمس الدين محمد ابن عثمان “ما بلغني عن أحد من الناس أنه تعبد إلا تعبدت  نظيرها وزدت عليه” وكان بعضهم يقول في شيخه لو قيل له أن ملك الموت بالباب ما كنت عنده زيادة في العبادات من شدة عبادته

ولقد كان بعضهم يسابق أباه ويقول له يا أبت لو لم تكن الجنة لآثرتك بها. كل هذه النماذج الحي وما سبقها من حث القرآن؛  والحديث يستدعي منا معاشر المسلمين المسارعة والمبادرة إلي فعل الخيرات وترك المنكرات والمداومة علي الطاعات ومن أجل هذه الطاعات التي ينبغي أن نسارع إليها نفع الناس لأنهم عيال الله وأحبهم إلي الله أنفعهم لعياله. فينفعهم يدفع الضر عنهم ومواساتهم و أبصال المعروف إليهم ومن أهم ذلك دعوتهم إلي منهج الله وتوضيحه لهم ليسعدوا به في الدنيا والآخرة لأنة المنهج الذي ارتضاه الله لعباده ولن يقبل منهم سواه .” ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه”.

ولهذا كله كان الدعاة إلي الله  من أجل هذه البشرية لأنهم من ورثوا الأنبياء وهم من فهموا عن الله وهم من يعيشون لغيرهم كما يعيشون لأنفسهم ولذلك طالت أعمارهم أكثر من غيرهم فقد قال أحدهم يوما “إن من يعش لنفسه يكون عمره قصير” لأن عمره من يوم ولادته إلي يوم وفاته أما من يعش لنفسه يكون عمره قصير لأن عمره من يوم ولادته إلي يوم وفاته؛ أما من يعش للبشر فإن عمره يكون طويلا  لأنه يبدأ من يوم  ولادته إلي يوم نهاية البشر” فالبدار إخواني إلي هداية الناس و إرشادهم و إلي غيرها من الطاعات  كالصدقة و الصيام و القيام …. ولنعلم أن هذه المزية لا يلقاها إلا للذين صبروا وإلا الجزاء ولا زاد لنا دار المعاد والتي ما فيها دائم غير منقطع ظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنها إخواني  سلعة الله الغالية  إنها لجنة  تستحق كل هذا للبذل وهذه التضحية وتستحق كل هذه المسارعة والمبادرة إنها إخواني الحسنة وزيادة وما أدراك ما هذه  الزيادة إنها رؤية الباري جل جلاله. ولكنها للمحسنين قال تعالي : “للذين أحسنوا الحسني وزيادة “.

محمد ولد الشيخ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى